كعادة نجيب محفوظ في كل رواياته أن يصطحب القارئ لرحلة في حارات القاهرة في
زمن كان شديد الأثر على مصر وأهلها ، زمن الحرب العالمية الثانية 


زقاق المدق واحدة من إبداعات نجيب ، صورت الحياة المصرية الإجتماعية في ظل إحتلال
الإنكليز أصدق تصوير

بدأ نجيب الرواية بوصف ما أسماه زقاق المدق ـ والذي هو بالمناسبة مكان حقيقي ليس
من خيال الكاتب ـ بيتان وعدة دكاكين وسكان طيبون بسطاء وحياة روتينية رتيبة

حميدة بطلت الرواية ومحورها الأساسي ، فتاة يافعة الشباب يتيمة أحسنت إليها
صديقة والدتها بتربيتها ، فتاة وعت على الحياة لتجد أن الحياة قد سلبتها أن تحيا
بالمعنى الذي رأته مرادفا للحياة

فتاة عاشت في زقاق بغيض على نفسها ، تتمنى لو لم تكن فيه ، وترى لنفسها حقا
في القصور المشيدة الثياب المزكرشة والجواهر البراقة أكثر من بنات اليهود

وبمحاولا عديدة ، وحيث كان جمالها وفتنتها سلاحا لصيد رجل يخرجها من الزقاق
، نصبت شباكها على عباس الحلو أحد شباب الزقاق والوحيد من بينهم الذي يناسب
حميدة ليكون زوجا بعين العمر ، عباس يملك محلا للحلاقة في الزقاق ويتجاور في سكنه
ومحله مع العم كامل صاحب محل البسبوسة النائم حينا والغافي أحيانا ، ولأجل حميدة
ترك الحلو الزقاق ملتحقا بالمعسكر الإنكليزي على أمل أن يجد عملا يجني منه المال
وتكون حميدة منه سعيدة

وكعادة المصريين قرأ عباس فاتحته على حميدة مع أمها والعم كامل ، ثم سافر وقد أودع
الزقاق حبه

استمرت حميدة في نصب الشباك للرجال لحين أن انتهت لما تراه أفضل من عباس والمال
الذي لازال يجنيه ، حيث أتى للزقاق رجل غريب رأى حميدة من مجلسه في القهوة
وهي تطل من نافذتها ، استمر بالقدوم والجلوس في القهوة بانتظار أن تطل عليه ، وكأي
أنثى معتدة بحسنها أحجمت حميدة عن نزهتها اليومية كل عصر ، وحين طال بها الضيق
بالبيت ، خرجت لنزهتها في أحد أيامها وتبعها الشاب

أخذت بعدها الأحداث بالتسلسل بشكل بديع ، لينتهي بها الحال للمال والجاه والجواهر
التي تمنت مع فرج القواد ، الذي أخذ بيدها لتكون بين أحضان الضباط الإنكليز ، تاركة
وراءها الزقاق وحميدة الفقيرة ومستقبلة حياة كانت تتمناها ، فتجد أنها ضاعت ولا سبيل للخلاص

يعود الحلو في إحدى إجازاته فلا يجد حميدة ويعلم بأمر هربها ، فيبحث عنها بحث
الحبيب الملهوف للقاء حبيبه ، يجدها وتنتهي حياته

الرواية مليئة بالشخصيات والأحداث الصغيرة التي تمنحها جمالا أكثر وروعة أدبية
أعمق ، فلكل واحد من سكان المدق قصة وردت ضمن الأحداث الثانوية

بعض النقاد قالوا أن شخصية حميدة تمثل مصر ، ونقاد آخرون تكلموا عن سوء العلاقات
الإجتماعية التي سببها الإستعمار ، والتي تتضح جلية في شخوص روايات نجيب

لكن الحقيقة الواضحة لي أن كل شخصية من شخوص الرواية تمثل قصة بمفردها ، قصة
ذات مغزى وهدف ، قصة إجتماعية حقيقية لن تغيب عن خيال قارئها

الرواية حولت لعمل سنمائي مصري أدت دور بطولته الممثلة المصرية شادية ، وأيضا
أجريت على النص بعض التعديلات ليناسب الحياة المكسيكية ويكون فيلما من بطولة سلمى حايك 

 التحميل من هنا
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Post a Comment